|
الأخبار: نقد وانتقاد .......... ام شتم وسباب ؟!
يتصور البعض انه لكي يصبح مثقفا فعليه ان ينتقد ، فنرى الكثير من الاشخاص الذين يقومون بانتقاد بعض التوجهات او بعض العادات الموجودة في المجتمع ، ولكن اغلب هذه الانتقادات هي انتقاد ليس فيها اي اهداف الا اظهار ما يحمله القلب من حسد وبغض للاخرين ، والبعض الاخر منهم يهدف الى اثبات انهم مثقفون ، وانهم ممن يوجهون الانتقاد الى الاخرين ، فينتقدون فكرة قد مر على وجودها عدة سنوات بل وعدة قرون احيانا ، واصبحت من المسلمات ، بعد ان تم نقاشها على مدى تلك الاعوام التي عاشتها ، ومن قبل عدة اناس وشخصيات ، وازمنة مختلفة . وكثير ممن يسمون انفسهم بالمثقفين هذه الايام يوجهون انتقاداتهم (اللاذعة في اغلبها) في وقت واحد ، حتى وان كانت الفكرة محل النفد معروفة وموجودة منذ زمن بيعد قبل موجة الانتقادات هذه ، فمثلا نرى الكثير من المثقفين (ان صح تسميتهم بذلك) هذه الايام يوجهون الانتقاد الى الدين الاسلامي او بعض جوانيه وفروضه ، رغم انه قائم منذ اكثر من 14 قرن من الزمان وانه تم مناقشته من قبل عظماء المسلمين مع كل الاديان والطوائف وعلى مر كل تلك السنوات ، ولكن بعض من يحاول الاتصاف بالثقافة يجده (الدين الاسلامي) وجبة دسمة يمكن من خلال نقده له ان يفرض نفسه على الثقافة والمثقفين ، النقد والنقاد ، فيقوم بكيل التهم والشتائم على الدين ورجاله . وكأن الانتقاد لا يتم الامن خلال الشتم والسباب ، والالفاظ البذيئة والمنحطة ، حتى صار لا يعرف من الانتقاد الا السب الشتم ، واصبحت كلمة نقد كلمة بذيئة ودنيئة ، والناقد اصبح لا يرى في اعين الناس الا على انه صاحب سباب والفاظ منحطة . غير انه في الواقع لا يوجد الكثير من الناقدين بل الكثير من السبابين . فليس كل من سب وشتم هو ناقد ، ولا يمكن اعتباره منهم ، بل هو من الاشخاص الذين يسيرون مع الناس في اي امر كان ، من اجل ان لا يوصف بالتخلف وعدم المعرفة . ويمكننا ان نقسم الانتقاد هذه الايام على عدة اقسام هي : 1- النقد البناء : وهو الذي يظهر العيوب فكرة ما وبشكل مستحسن من قبل صاحب الفكرة قبل الاخرين ، ويعرض سبل الحل او الطرق البديلة لتفادي تلك العيوب في المستقبل ، الى جانب عرض حسناتها وميزاتها وان كانت اقل بكثير من عيوبه ، وهذا النوع هو الذي يمكن اعتباره نقد بالمعنى الصحيح . 2- النقد الهدام : وهو النقد الذي يظهر الجانب السيء للفكرة سواء كانت قائمة او سوف تقوم ، وذلك لهدمها وعدم استمراريتها ، دون ان تكون هناك اي التفاته الى الجوانب الحسنة فيها ، حتى وان كانت حسناتها اكثر من عيوبها ، وهذا عادة ما يقوم به الاشخاص الذين تتربى بين اضلاعهم كل انواع الحقد والحسد تجاه الاخرين ، وهم الاشخاص الذين تهمهم مصالحهم الشخصية حتى وان كانت على حساب مصالح المجتمع بأسره . 3- النقد الذي يستحسنه الناس : وهو النقد الموافق لرأي أغلب الناس في الفكرة ، فان كان رأي الاغلبية في الفكرة انها حسنة ( وان خالفت الفكرة كل الشرائع والاعراف والعادات التي يعرفها المجتمع ) ، ظهر النقد بعرض لمميزاتها وان قلت ، والاغفال عن العيوب وان كثرت ، وتسفيه الاراء المعارض لها ، اما اذا كان راي الاغلبية في الفكرة على انها سيئة ، فان النقد يكون بعرض عيوبها (وان لم توجد تصنع لها العيوب) ، ويتغافل عن الحسنات فيها وان كثرت . 4-النقد المواكب للعصر : وبمكن تسميته بالنقد العصري ، وهو النقد الذي ليس له اي هدف الا ان يقال لصاحبه مثقف وناقد كبير ، فينتقد ما ينتقده النقاد ويتغافل عما تغافلوا عنه ، دون ان يطلع على الفكرة او يأخذ عليها لمحة ولو سريعة ، ليكون بذلك (في وجهة نظره هو) من الاشخاص الناقدين والمثقفين ويحسب عليهم وانه منهم . ان الصنف الاول من النقاد (الحقيقيون) هم قلة هذه الايام ، وذلك لان نقدهم يكون بالشكل الصحيح لمسمى النقد ، فيعرض الى جوانب العيوب الحسنات للفكرة محل النقد ، وهم بذلك لا يصنعون اثارة لموضوع النقد ، بل انه يحاولون صنع الحل لهذه العيوب التي قد تعيق استمرارية الفكرة محل النقد ، ويحسبهم بعض الجهال من اصحاب الفكرة لا من منتقديها ، وذلك لعدم ترصيعهم لنقدهم بكيل من الشتم والسباب ، وعدم توجيههم اي اتهام الاخرين دون اي دليل ، بالاضافة الى عدم توجيههم الكثير من الانتقادات تجاه الدين الاسلامي ، وهذا مخالف عما يسير عليه اغلب النقاد (السبابين) هذه الايام من اصحاب الاقسام الثلاثة الاخيرة . فهم غالبا ما يوجهون نقدهم وانتقادهم الى الدين الاسلامي ورجاله ، حتى كأنه دين من صنع البشر وليس منزل من الله عز وجل ، وانه مليء بالانتقادات ولا توجد به حسنات ، ويصورونه على انه ضد النقد والانتقاد ، وانهم هم اصحاب التجديد والتصحيح له ، ويرصعون نقدهم هذا بكيل (بل عشرات المكاييل) من الشتم السباب واتهام الاخرين دون وجه حق . فهل هذا نقد وانتقاد .......... ام شتم وسباب ؟! بقلم الكاتب :حسن بن علي الجزيري
تاريخ النشر: 2010-01-18
اضغط هنا - نسخة الطباعة
|
|